قال تعالى :
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ .
(سورة سبأ – 14 ) .
تفسير الطبرى : يقول تعالى ذكره: فلما أمضينا قضاءنا على سليمان بالموت فمات (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ) يقول: لم يدل الجن على موت سليمان (إِلا دَابَّةُ الأرْضِ) وهي الأرضة وقعت في عصاه التي كان متكئًا عليها فأكلتها، فذلك قول الله عز وجل (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) وهذه الآية القرآنية تتضمن ذكر ما حدث لنبي الله سليمان بن داود عليهما السلام عند وفاته، وذلك أنه لما مات كان متكئا على عصاه، فبقي متكئا عليها مدة من الزمن كما هو؛ لأن أجساد الأنبياء لا تبلى، وكان الجن لا يعلمون أنه قد مات، حتى وقعت الأرضة في عصاه التي كان متكئا عليها وكان لذلك سبب وهو ما قد أشيع: أن الجن تعلم الغيب، وهو غير صحيح حيث أكد الله بطلان هذا بقصة موت النبي سليمان عليه السلام، وذلك أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان في حينه، لكنهم لم يعلموا بذلك إلا بسبب الأرضة التي أكلت عصاه، فكان هذا دليلا قاطعا على أن الجن لا يعلمون الغيب، وقد ذكر الله ذلك في آخر هذه الآية بقوله تعالى:
﴿فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين)
الآرضة التى اكلت عصا سليمان عليه السلام هى نوع من أنواع النمل الأبيض ، و تتكون مستعمرة النمل الأبيض من ملكة واحدة و الآلاف من الجنود و الشغالات ، و قد يصل عدد افراد المستعمرة الى 750,000 الف فرد .
الأَرَضَةُ أو النمل الأبيض (بالإنجليزية: Termite) . النمل الأبيض حشرة كانسة كما يتسم بحياته السرية، ويتغذى أساسا على السيليولوز، ويعيش في مستعمرات تتنوع فيها الطوائف التي تختلف في بنيتها ووظيفة كل منها. تعد حشرة الأرضة عدوا للإنسان، فهي من أخطر الحشرات وأكثرها ضررا، حيث تقوم ببناء ممرات ومداخل يصعب الوصول إليها، وتقوم بإتلاف العديد من الأوراق والكتب والأخشاب في المباني والمكتبات، ولربما حصل بسببها تضرر و تدمير المساكن و المدن . و لقد علمت الأرضة أو النمل الأبيض بموت سيدنا سليمان قبل الجن بعدة شهور ، و ذلك لأن النمل الأبيض يشم رائحة الموتى بمجرد موتهم و ذلك عن طريق شعيرات حسية دقيقة جدا لا ترى إلا تحت الميكروسكوب الإلكترونى . عندما علم النمل الأبيض بموت سيدنا سليمان عليه السلام بدأ فى عمل أنفاق فى عصا سيدنا سليمان عليه السلام و بدأ فى التغذية على السليولوز المكون لهذه العصا ، حتى إذا استهلك كل ما فى العصا من سليولوز إنكسرت العصا و خر سيدنا سليمان على الأرض ، عندها فقط علمت الجن أنه مات فقالت كما ورد فى الآية الكريمة . فهؤلاء هم الجن الذين يعبدهم بعض الناس. هؤلاء هم سخرة لعبد من عباد الله و هو سيدنا سليمان عليه السلام ، وهؤلاء هم محجوبون عن الغيب القريب وبعض الناس يطلب عندهم أسرار الغيب البعيد , و لقد علم النمل ما لم يعلمه الجن بعدة شهورمن موت سليمان عليه السلام , فسبحان الخلاق العظيم الذى خلق فسوى و الذى قدر فهدى .
المؤلفون | أ.د. مصطفى إبراهيم حسن |
التصنيف | علوم الحياة |
الوسوم | الاعجاز التشريعي |
عدد المشاهدات | 2668 |
عدد المشاركات | 1 |
شارك المادة | |
تحميل المادة | تحميل المادة |
تعددت أوجه الإعجاز التشريعي في أحكام المواريث، من حيث ورود آيات المواريث وترتيبها، وقد تبين ذلك من خلال الآيات المجملة لأحكام الميراث(يراجع آية 7-8 من سورة النساء).وآية (ل74-75) من سورة الأنفال. ثم جاءت الآيات المفصلة لأحكام الميراث آية (11،12 ، 176) من سورة النساء.
النص المعجز: قال تعالى: ﴿وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكناه في الأرض وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [سورة المؤمنون:18].
إن المتأمل في آيات الأحكام يجد إعجازا تشريعيا ،فكل حكم يلتزم به المسلم لا بد من ربطه بجانب أخلاقي أو روحي ؛والهدف من ذلك تنمية الاستجابة للحكم داخل الضمير الإنساني والمجتمع، وسنعرض بعض النماذج التطبيقية على ربط الحكم الشرعي بالجانب الروحي والخلقي فقبل عرض أحكام المواريث (في سورة النساء) بداية من الآية الحادية عشر يأتي الأمر من الله بتقوى ومراقبته ،حيث افتتحت سورة النساء بأمر الناس جميعا بالتقوى، والحث على العبادة في إخلاص، والأمر بصلة الأرحام، وبيَّنت الآيات الأسباب الداعية لإقامة ورعاية تلك العلاقات على أسس متينة من التقوى والعدل، حيث إنه- وإن بث البشر في أقطار المعمورة -فقد خلقهم قبل ذلك من نفس واحدة، فهم يرجعون إلى أصل واحد، مما يستدعي عطف بعضهم على بعض، و يستوجب حنو بعضهم على بعض لإشاعة المودة وإفشاء التعاون والمحبة تحت مظلة الدين الخاتم، فجاء الأمر بالتقوى مقرونا بصلة الأرحام والنهي عن قطيعتها، لتأكيد أن لزوم تلك الحقوق، كلزوم القيام بحق الله تعالى، ففي هذه السورة يتم تجسيد ملامسة الفطرة الإنسانية في وشائجها وعلاقاتها الفطرية، رسما لمنهج مجتمع فاضل، تحكمه روابط أصيلة وتسيره أوامر رب العالمين بمقتضى الفطرة، وقطعا لدابر أي انحراف .